نظّمت جبهة القوى الاشتراكية ندوة بعنوان “رؤية الأفافاس حول إصلاح الجماعات الإقليمية”، شارك فيها نخبة من الأكاديميين والمختصين في القانون والإدارة المحلية. من بين المداخلات المميزة، جاءت مداخلة الأستاذ أوكيل محمد أمين، أستاذ القانون العام، التي سلّطت الضوء على مشروع قانون البلدية الجديد، مبرزاً أهميته في تعزيز الحوكمة المحلية، وناقلاً رؤيته حول التحديات التي تواجه تطبيقه.
استهل الأستاذ أوكيل مداخلته بالتأكيد على أن مشروع قانون البلدية الجديد يمثل خطوة هامة نحو تعزيز الحكم الراشد، إلا أنه لا يزال يحمل العديد من الإشكالات المرتبطة بالإدارة المحلية. واعتبر أن الإشكاليات السابقة، سواء المتعلقة بتطبيق قانون البلدية الحالي أو بتنسيق القوانين الأخرى ذات الصلة، تشكّل عائقاً أمام تحقيق الإصلاح المنشود.
وأشار إلى أن المشروع الجديد هو الأول من نوعه الذي يتحدث صراحة عن الحوكمة كركيزة أساسية لإدارة الجماعات الإقليمية، وهو ما لم يكن موجوداً في القوانين السابقة. إلا أنه شدد على ضرورة أن يكون الحكم الراشد بمثابة عقيدة سياسية تُطبّق من منطلق الوقاية لا كرد فعل على قضايا الفساد فقط.
ركّز الأستاذ أوكيل على أهمية الشفافية كأحد أعمدة الحوكمة في القانون الجديد، مشيراً إلى أن المشروع يُلزم الإدارة بتعليل قراراتها، خاصة في حالات رفض إدراج نقاط ضمن جدول الأعمال. كما أتاح للمواطنين حق الاطلاع على المعلومات المتعلقة بالشؤون المحلية، من جداول الأعمال إلى المخططات البلدية التشاركية.
وأوضح أن القانون الجديد يُضيف التزامات على عاتق رئيس المجلس الشعبي البلدي لعرض الحصيلة السنوية على المواطنين والهيئات التشاركية، وهي خطوة تعكس توجه المشرع لتعزيز المساءلة، لكن الأستاذ أوكيل تساءل عن مدى الجدية في تنفيذ هذه الإجراءات على أرض الواقع.
من أبرز نقاط المداخلة كان الحديث عن الديمقراطية التشاركية، حيث أوضح الأستاذ أوكيل أن المشروع يُعطي للمواطنين دوراً فاعلاً في صنع القرار المحلي، من خلال الهيئات التشاركية التي أصبحت تملك حق اقتراح جدول الأعمال والرقابة على أداء المجالس البلدية.
واعتبر أن هذه الهيئات تمثّل مكسباً كبيراً إذا تم إدارتها بشكل مسؤول، لكنها قد تتحوّل إلى عائق إذا لم يُحسن تسييرها. كما أشار إلى أن المشروع يسعى لتحقيق توازن بين الديمقراطية التشاركية والتمثيلية، مع إبقاء القرار النهائي في يد المجلس الشعبي البلدي.
اختتم الأستاذ أوكيل مداخلته بمناقشة مفهوم الإقليم في القانون الجديد، معتبراً أن المفهوم لا يزال مقتصراً على الدلالة الجغرافية. ودعا إلى تبني قراءة سياسية للإقليم تراعي خصوصيات كل منطقة، مشدداً على ضرورة ربطه بالتنمية الإقليمية لتعزيز الاستقلالية المحلية في إطار دولة موحدة.
حكيم. ش
Comments