top of page

هل ندرة المياه ستؤدي إلى حرب بين الجزائر والمغرب ؟ تتساءل مجلة "جون أفريك" الفرنسية

مع اقتراب فصل الصيف تشهد بعض مدن الجزائر اضطرابات، وانقطاعات في توزيع المياه الصالحة للشرب، مثلما هو الحال في ولاية تيارت، شمال غرب الجزائر، حيث تم إغلاق طرقات ومصادرة شاحنات الصهاريج وسط استنكار الأهالي لتقاعس السلطات العامة وتوقف مشاريع تزويد مياه الشرب مع فرض تقنين صارم عليها. ومنذ ذلك الحين تم إرسال العديد من الوزراء للاعتذار للسكان ووعدهم باستعادة الوصول إلى المياه.


ولعل التفسير الذي يقدمه البعض للنقص الحاد في كميات الأمطار بالجزائر ، خصوصا في السنوات الأخيرة، هو أن الأمر لا يعدو أن يكون نتيجة طبيعية وحتمية للاحتباس الحراري، الذي صار هاجسا مقلقا ومحيرا للعالم بأسره.


ويقصد بالاحتباس ارتفاع حرارة الغلاف الجوي بفعل تراكم ثاني أكسيد الكربون وغازات أخرى، فيما يشبه لوحة زجاج تسمح بمرور أشعة الحرارة.


ويؤدي الاحترار العالمي إلى تفاقم نقص المياه في المناطق الفقيرة بالمياه، كما يؤدي إلى زيادة مخاطر الجفاف فيما يخص الزراعة، ويؤثر بالتالي على المحاصيل الزراعية ، ويزيد الجفاف البيئي من ضعف النُظُم البيئية.


و يمكن أن يثير الجفاف أيضًا عواصف رملية وترابية مدمرة يمكن أن تنقل مليارات الأطنان من الرمال عبر القارات.

ولم يخطط المسؤولون الجزائريون لأن يكون للماء دور في التخفيف من حدة الأزمات السياسية، وربما تحقيق النفع والرفاه لجميع الجزائريين بلا استثناء، من خلال زيادة حجم الغطاء النباتي، وزراعة المزيد من الأشجار، لما لها من دور في التخلص من غاز ثاني أكسيد الكربون كذلك، تلطيف الجو، وتبريده .


وهناك حلول فردية ايضا مثل ترشيد استهلاك الطاقة، وتشجيع النقل العام بدلاً من زيادة عدد السيارات وتوجيه المواطنين لبناء منازل معزولة، بحيث لا تكون بحاجة الى التدفئة شتاءً والتبريد صيفاً، و التصرف المشترك في الموارد المائية.


والحقيقة التي لا مفر منها اليوم هي، أن جميع دول الشمال الافريقي باتت معنية وبشكل كبير بما يصفه الخبراء بالفقر المائي.


ما الذي سيؤول إليه الأمر على المدى المتوسط والبعيد؟ وهل الوضع القائم حاليا هو بمثابة القنبلة الموقوتة التي قد تنفجر بين لحظة وأخرى، وتؤدي إلى نشوب معارك وحروب دامية بين دول المنطقة للسيطرة على منابع الأودية والأنهار؟


في آخر عدد لها تساءلت مجلة «جون أفريك» الفرنسية عما اذا كانت حرب المياه بين المغاربة والجزائريين قد اقتربت ؟. ولم يكن طرح مثل ذلك السؤال بالعبثي أو البعيد عن الواقع، فالدافع وراءه كان وجود طرف يمتلك نوعا من الأفضلية أو الأسبقية على الآخر، من حيث قدرته على التحكم في تلك المنابع.


وفي حالة البلدين المغاربيين: الجزائر والمغرب، فإن المقاربة بينهما تبدو على النحو التالي، ففي حين أن الموارد المائية المغربية « تنبع من التراب الوطني » مثلما صرّح أستاذ علم المناخ محمد سعيد كرود للمجلة الفرنسية نفسها، أي أن مصدر الأنهار والوديان في المغرب ليس من خارج المملكة، فإن العكس ليس صحيحا بالنسبة إلى جارتها الشرقية. وهو طرح قوي، في حين أن ظاهرة الاحتباس الحراري تساهم في ندرة الذهب الأزرق، وهي معضلة ليس المغرب في مأمن منها.


وربما هذا ما دفع أيضا وزير المياه الجزائري إلى أن يتهم الشهر الماضي الرباط، ولو بشكل غير مباشر بأنها مسؤولة إلى حد ما عن الجفاف الذي ضرب مناطق من الجزائر ، حين أشار إلى أن « إحدى الدول المجاورة، من خلال سلوكها غير المسؤول أخلت بالتوازن البيئي، ما أثر بشكل خطير على الحيوانات والنباتات على طول الحدود الغربية للجزائر ».


و تحدث الوزير الجزائري عما وصفه « بالتجفيف المقصود والممنهج لبعض السدود » الجزائرية في إشارة إلى ارتباط مخزونات تلك السدود بشكل كبير بحجم التدفقات المائية المقبلة من المغرب.


ومضت “جون أفريك” موضحة أن هناك نقطة خلاف أخرى تتمثل في عواقب استخدام مياه وادي غير، أحد أطول الأودية في شمال إفريقيا (433 كم)، والذي ينبع من الأطلس الكبير المغربي، بعد التقائه بالأراضي الجزائرية مع وادي زوزفانة. ومع ذلك، فإن وادي زوزفانة يغذي رابع أكبر سد جزائري، وهو سد جورف توربا، الذي تم تشييده في الستينيات وتبلغ طاقته الاستيعابية 365 مليون م3، ويوفر الماء الصالح للشرب لساكنة بشار.


مجلة "جون أفريك”، أشارت ايضاً إلى موقع سد بخدة الذي يغذي المنطقة، والذي يوجد على بعد أكثر من 500 كيلومتر من الحدود المغربية الجزائرية.


ومع ذلك، فإن الترابط المائي بين البلدين على الحدود هو واقع جغرافي، توضح المجلة الفرنسية.


وكانت حدة التصريحات التي ألقيت على هامش المنتدى الدولي العاشر للمياه، الذي نظم في بالي بإيطاليا في الفترة من 18 إلى 24 ماي ، قد صدمت أكثر من شخص.


ومع أن الرباط لم تعلق على تلك الاتهامات الضمنية، إلا أن تلك الفرضية تضع المنطقة أمام تحد كبير، وتدق ناقوس الخطر أمام استخدام ما يبدو سلاحا جديدا قد لا يقل فتكا عن أسلحة الدمار الشامل وهو سلاح الماء.


كيف ستتصرف الجزائر على الناحية الشرقية من حدودها؟


حذر تقرير نشره موقع الكتيبة الإلكتروني التونسي في فبراير الماضي مما وصفه بـ « تزايد الاستنزاف المفرط للموارد المائية من قبل الدولة الجزائرية، جراء إقامة عديد السدود على مجاري مشتركة دون تدخل واضح للدولة التونسية للدفاع عن حقها في هذه الثروة التي تنظمها القوانين الدولية »، ناقلا عن منسق المرصد التونسي للمياه علاء المرزوقي قوله في هذا الصدد إن « وضعية الموارد المائية التونسية تعكس الوضع العام السياسي للبلاد. ومن المؤسف أن الجزائر تستغل هذا الوضع السياسي المرتبك في تونس من أجل إنقاذ أمنها المائي، حيث اعتمدت على حل الخلاص الفردي لتحسن من اقتصادها ووضعية فلاحيها دون مراعاة للأضرار التي لحقت بالجانب التونسي »، على حد تعبيره.


وهذا ما يدل على أن الخلافات أو النزاعات على المياه ليست فصلا هامشيا أو ثانويا، من فصول الخلافات السياسية العديدة الموجودة حاليا بين بعض الدول والأنظمة المغاربية، بل إنها قد تكون فتيل خلاف حاد وعميق، حتى إن بقي مواربا لاعتبارات ظرفية، ومتروكا على الهامش في ظل وجود علاقات هادئة ومستقرة بين جارين مثلما هو الحال بين تونس والجزائر.


وهذا ما أدّى الجزائر، تونس و ليبيا في أبريل الماضي إلى التوقيع على اتفاقية « إنشاء آلية حول إدارة المياه الجوفية في الصحراء الشمالية » يكون مقرها الجزائر. وهذا يعني أنهم واعون بأن مشكل المياه لا يمكن أن يحل بشكل فردي.


وتعتبر ندرة الموارد الطبيعية وتدهورها، سواء كانت موارد من الأراضي والمياه والتنوع البيولوجي، من بين أهم المخاطر التي تهدد الأمن الغذائي والتغذية ورفاهية السكان في المنطقة. ولا تزال قدرة الوصول إلى خدمات المياه ضعيفة في المناطق الريفية، مما يؤثر على التنمية البشرية العادلة والشاملة ويقوّض قدرة المجتمعات الريفية على الصمود. ومن ناحية أخرى، يزيد النمو السكاني وتغير المناخ من ضعف المنطقة ويزيدان من خسائر الإنتاجية وتدهور الموارد الطبيعية.


في حين تمتلك شمال أفريقيا تغطية مائية آمنة بنسبة

92%، تظل أفريقيا جنوب الصحراء تعاني من نسبة تغطية منخفضة تبلغ 60% - ما يترك 40% من السكان البالغين 783 مليون نسمة في تلك المنطقة دون إتاحة مياه نظيفة صالحة للشرب. في المقابل تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، المنطقة الأكثر ندرة في المياه في العالم.


 وتضم المنطقة 6.3% من سكان العالم، وتحتوي على 1.4% فقط من المياه العذبة المتجددة . ومع تزايد الضغوط السكانية في المنطقة، يرتفع الطلب على الموارد المائية.


التحرير

٦ مشاهدات٠ تعليق

Comentários


bottom of page