صورة لمحمد بوضياف أثناء شبابه.
تمر اليوم، 29 جوان 2022، 30 سنة منذ اغتيال محمد بوضياف رميا بالرصاص على المباشر وهو يلقي خطابا بدار الثقافة في عنابة. حتى ولو لم يكن بوضياف مجرد سياسي وصل لمنصب رئيس الجمهورية بل واحدا من رموز ثورة الاستقلال وأمل أنذاك الكثيرين بعد عودته لرئاسة الدولة في جانفي 1992، إلا أن ذكرى اغتياله اليوم وحتى ولو تزامنت مع ستينية الاستقلال وكما كان الحال منذ 30 سنة، تمر في صمت.
الجزائر، 29 جوان 2022
"جئتكم اليوم لإنقاذكم وإنقاذ الجزائر وأستعد بكل ما أوتيت من قوة وصلاحية أن ألغي الفساد وأحارب الرشوة والمحسوبية وأهلها وأحقق العدالة الاجتماعية من خلال مساعدتكم ومساندتكم التي هي سرّ وجودي بينكم اليوم وغايتي التي تمنيّتها دائما"، هذا ما قاله بوضياف بعد عودته في 1992 من المغرب التي قضى فيها 27 سنة. وعود لم يتمكن من تحقيقها، فهو اغتيل 6 أشهر بعد ذلك.
ذكرى اغتيال "الطيب الوطني" كانت وكأنها لا حدث اليوم في الجزائر الرسمية. فغابت ذكرى من قال "أن الجزائر قبل كل شيء" في الاحتفالات الرسمية، وفي الصحافة وحتى في الصفحة الرسمية لوزارة المجاهدين، وحتى في صفحات الأحزاب والشخصيات.
فاتونا بالعلم
في شبكات التواصل الاجتماعي، قام مواطنون على قلتهم وبعض الصفحات بالتذكير بمحمد بوضياف وذلك بنشر صور، فيديوهات ونصوص عن سي الطيب الوطني الذي يذكرنا في كل مرة أنهم "فاتونا بالعلم".
فنشرت الروائية أحلام مستغانمي في صفحتها التي تتجاوز 13 مليون متابع "كما اليوم سقط سنة 1992 الرئيس محمد بوضياف مغتالا مباشرة على الهواء و هو يخطب. حاملاً شعار "الجزائر أوّلاً" . لهذا الرجل الشريف النظيف الذي كان من جيل أبي و رفاق نضاله، أهديتُ روايتي "فوضى الحواس". إضافة لمقطع من الرواية الصادرة عام 1997. "ها هوذا... يرتدي بذلة لم يتوقّع أنه سيرتديها لمناسبة كهذه. يتعلّم المشي أمامنا. يتعلم الابتسام لنا. يرفع يده اليمنى ليحيينا بخجل، كمن يعتذر عن يدٍ لم تحمل يومًا سوى السلاح.. والآجرّ، ولم تكن مهيأة لمثل هذا الدور. ها هوذا... بوضياف. يأتينا مشيًا على الأقدام، مشيًا على الأحلام. فتخرج لاستقباله الأعلام الوطنية، وجيل لم يسمع باسمه قبل اليوم. ولكنه يرى في قامته، تاريخ الجزائر في عظمتها الخرافية. ها هوذا...ليست أقدامه التي كانت تبوس تراب الوطن مع كلّ خطوة، إنما تراب الجزائر، هو الذي كان يحتفي بخطاه، ويقبّل حذاءه. فلا تملك القلوب إلا أن تهتف: أيها التاريخ توقّف.. لقد جاءنا رجل من رجالك."
الإعلامي إلياس نجيمي من جهته نشر في حسابه فيديو لأغنية "أنشودة لبوضياف" لمعطوب الوناس الذي علق عليه "29 يونيو/جوان... في الذكرى الثلاثين لاغتيال الحقيقة.. أنشودة المغدور به "الوناس معطوب" إلى المغدور به "محمد بوضياف"
أما أميرة بوراوي، الوجه المعروف لحركة "بركات" سابقا، فقد نشرت الأمس في حسابها في فايسبوك "غدا 29 جوان 2022 الذكرى الثلاثون من اغتيال السي الوطني....محمد بوضياف....جملته الأخيرة قبل الرصاصة: باش فاتونا؟ فاتونا بالعلم ! و الإسلام......ثم قتل.....كان رايح يقول في بداية العشرية السوداء لمن استغل الدين ليتاجر به : و الإسلام يحث على طلب العلم.....هاذي هي باقي الجملة....و لكن اغتيل حلم الجمهورية يومها."
الجزائر إلى أين؟
في الوقت الذي غابت فيه ذكرى اغتيال المجاهد محمد بوضياف عن الصحافة الرسمية كجريدة المجاهد ووكالة الأنباء الجزائرية، انفردت جريدة "الوطن" الناطقة بالفرنسية بنشر رسالة موجهة لرئيس الجمهورية عبد المجيد من توقيع عشايشية بوبكر، عضو مؤسس لمؤسسة محمد بوضياف، طالب فيه بمنح هذه الذكرى ما تستحق. "بمناسبة الذكرى الثلاثين لإحياء ذكرى اغتيال الرئيس الأسبق محمد بوضياف، والتي تتزامن هذا العام مع الذكرى الستين لاستقلال الجزائر العزيزة، أطلب منكم موافقتكم على الاحتفال بهذا الحدث بكل التكريمات الواجبة. لهذا الثوري ورجل الدولة العظيم." هذا ما كتبه عضو مؤسسة بوضياف.
فبعد اغتيال بوضياف في 1992، تم تشييد نصب تذكاري له في 29 جوان 1993 بساحة دار الثقافة بعنابة وذلك بحضور أرملة بوضياف وابنه ناصر، وعضوي مجموعة ال 22 محمد مشاتي وبوشايب إضافة إلى السيد دربال، مستشار برئاسة الجمهورية وممثلا للرئيس اليمين زروال وإبراهيم مراد والي عنابة آنذاك. بعد ذلك الحدث الذي غطته الصحافة، ذكرى اغتيال محمد بوضياف كانت تمر كل عام في صمت.
التحرير
Comments